من أحسن ماتقضي فيه الفتاة والمرأة - وقتها - هو حلقات القرآن ، التي توجد بحمد الله في كثير من بلاد المسلمين ، وقد وقفتُ على بعض القصص وسمعتها من صاحباتها .
القصة الأولى :
في عصر ذلك اليوم زارني أحد الشباب بصحبة والدته - التي تجاوزت الستين - لأجل استشارة تتعلق بالرقية ، وبعد سماع كلام والدته .
تبين أنها تعاني من ضعف في البصر في العينين وبعد الكشف الطبي لم يظهر أي سبب لذلك ، فأوصيتها بالرقية وأعطيتها برنامج مناسب لها .
ثم قلت لها ياوالدة : اتركي حلقات التحفيظ لفترة بسيطة حتى تتعالجي من هذا التعب .
فقالت : ياولدي هذا القرآن ما أقدر ابتعد عنه ، والحلقات تساعدني في الحفظ وخاصة أنني انتهيت من سبعة أجزاء .
فتعجبتُ من شدة محبتها للحلقات ، ومن تعلقها بالقرآن مع أنها تجاوزت الستين من العمر ، وتعتمد على العصا وتمشي بصعوبة مع ضعف في البصر .
فما أعجب الهمم عند بعض النساء .
القصة الثانية :
في عصر ذلك اليوم ، راجعتني تلك المرأة التي تبلغ ( ٥٣ ) سنة مع ولدها ، تطلب بعض الاستشارات في موضوع الرقية ، ومع الحوار معها .
قلت لها : عليك بالقرآن فهو الشفاء .
قالت : أبشرك يا شيخ أنا مسجلة في حلقة تحفيظ من ١٥ سنة ، وكل سنة احفظ جزء واحد ، وفي رمضان والإجازات اسجل في الدورات القرآنية التي تكون في المساجد .
حينها تعجبتُ من استمرارها لهذه السنوات الطوال مع حلقات القرآن .
وأعطتني درساً في الصبر على الحفظ ؛ حيث أن حفظها ضعيف ولذلك فإنها خصصت جزءاً لكل سنة ، وتأمل كيف استثمرت وقتها في الإجازات مع القرآن .
إنه القرآن ، من عاش معه ؛ جعل كل حياته له .
القصة الثالثة :
ذهبتُ في زيارة إلى عمتي - في إحدى قرى جنوب المملكة - وكانت تبلغ من العمر " 70 سنة " وسلمت عليها وتفاجأت بأنها تعطيني شهادة من مدارس التحفيظ النسائية ، وقالت : أبشرك بأني حفظت جزأين وأعطوني مكافأة .
فسألتها : هل تقرأين جيداً ؟
قالت: لا. ولكن أحفظ بدون قراءة ، بكثرة التكرار.
قلت : وكم عدد الطالبات في الدار ؟
قالت : خمسين امرأة ومائة من الفتيات.
قلت : وكيف تذهبين ؟
قالت : نذهب بالباص ، ولله الحمد .
وانتهى الحوار ، ولم ينتهي تعجبي من همتها مع أنها لا تقرأ وعندها أعمال من رعي الغنم ورعاية البيت ولا ولد لها ولا بنت ، ولكنها الهمم التي سكنت الأرواح .
القصة الرابعة :
قال صاحبي : والدة زوجتي ، فقدت البصر منذ زمن طويل ولكن الغريب أنها من طالبات القرآن ، تذهب للحلقة بصحبة ابنتها ، وتحفظ بصعوبة وتراجع ما يتيسر .
وفي الأوقات التي تتعب من الذهاب للحلقة تتصل ببعض المساجد الذين لديهم تحفيظ عن بعد ، وتواصل حفظها وتسميع المحفوظ عن طريق الهاتف ، ومن عجيب حالها أنها لا تترك صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع .
يقول صاحبي : كلما زرت عمتي أشعر بعلو الهمة والطموح نحو المعالي .
قلت : ما أعظم الفرق بين من فقد البصر ومن فقد البصيرة .
ختاماً ، ياترى أين نحن من الاقتداء بهذه الهمم في حفظ القرآن والتسجيل في الحلقات المباشرة أو التي عن بعد ؟
إن البعض قد يستغرب من هذه القصص ، مع أنها جزء يسير من همم النساء مع تقدم أعمارهن ، وأعتقد أن هناك قصص أكثر منها غرابة في علو الهمة في المداومة على القرآن .
إن بركة القرآن ستحيط بك كلما أعطيته جزء من وقتك وهمتك .
مواد آخرى من نفس القسم
مكتبة الصوتيات
أهل الزوجة
0:00
أعمال القلوب
0:00
تعرف إلى الله في الرخاء
0:00
رسائل من أب إلى ولده
0:00
مسائل في الزكاة - 2
0:00

عدد الزوار
5796102
إحصائيات |
مجموع الكتب : ( 34 ) كتاب |
مجموع الأقسام : ( 93 ) قسم |
مجموع المقالات : ( 1650 ) مقال |
مجموع الصوتيات : ( 995 ) مادة |